تفسير سورة يس
بسم الله الرحمن الرحيم
(يس *وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ *إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ *عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ *تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ *لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ *لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ *)
يس: قيل فيه عدة أقوال منها أنها الحروف فى بداية السور كما فى سورة البقرة
وقيل أنه اسم من اسماء الله
وقيل تعنى يا إنسان
وقيل أنها اسم من اسماء رسول الله
القرآن الحكيم : القرآن المحكم آياته لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
يقسم الله بالقرآن ذو الحكمة والمحكم آياته أن محمدا مرسل من ربه ليهدى الناس إلى الطريق القويم
وأنه من عند الله العزيز قوى الجانب الرحيم بعباده إذ أرسل لهم نبيه وأنزل القرآن رحمة للعالمين
لتنذر العرب الذين لم ينذروا من قبل ولا آباءهم لأن الأنبياء كانت دائما فى منطقة الشام وبيت المقدس
فقد قضى ربك بأن لا يؤمن الكثير منهم وحق عليهم العذاب بسبب طغيانهم وغفلتهم عن الحق
الآيات 8 ـ 12
( إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ *وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ *وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ *إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ *إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ )
شبه الله الكافرين فى استكبارهم عن اتباع الحق بمن وضعت له القيود
و( الأغلال ) فوضع يده تحت عنقه للتقيد فرفعت رؤسهم ( مقمحون )
وجعل الله بين قلوب الكافرين وبين الحق حاجزا فعميت قلوبهم وأبصارهم عنه فلا يهتدون ولا ينتفعون بخير
ويقول سبحانه لنبيه سواء عليك دعوتهم أم لم تدعوهم فهم لا يؤمنون لأن الله ختم على قلوبهم فلا يتأثرون
وإنما ينتفع بالإنذار المؤمنون الذين يخافون الله ويتقونه ويؤمنون بالغيب ، فبشره يا محمد بمغفرة من الله ورحمة وجزاء جميل
واعلم يا محمد أن الله القادر على إحياء الموتى يوم القيامة بقادر على إحياء قلوب من يشاء من الكفار فيهديهم بعد كفرهم ونسجل عليهم ما سلف من أفعال وما تركوا من آثار لأفعالهم من بعدهم ، وكل شئ مكتوب عليهم فى كتاب واضح
الآيات 13 ـ 17
( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ *إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ *قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمَن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ *قالُوا رَبُّنَا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ *وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ )
ويقول سبحانه واضرب يا محمد لقومك مثل أصحاب القرية التى أرسل لها الله اثنين يدعوهم إلى عبادة الله الواحد ولكنهم كذبوهما وقالوا لهم ما أنتما إلا بشر مثلنا وأنتم تكذبون وما أرسل الله من شئ
فأرسل لهم ثالثا يعاونهما ويؤكد دعوتهما ولكن استمر التكذيب
فأقسموا لهم أنهم مرسلون من قبل الله وأنهم لا يريدون إلا الإبلاغ
فإن آمنوا فلهم الخير وإن كفروا فعليهم كفرهم
الآيات 18 ـ 19
(قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُم مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ *
قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ)
قال لهم أهل القرية لقد تشاءمنا منكم وما يصيبنا من شر فهو بسبب ما تقولوه لنا وبسبب وجودكم بيننا
إن لم تمتنعوا عن قولكم فسوف نلاقى فعلكم بالعذاب المؤلم
قال لهم المرسلون شؤمكم من أنفسكم ومن ظلمكم وما تؤذوننا به إلا من تذكيرنا لكم بالحق وعبادة الله وحده
إنكم تسرفون فى الظلم والتعدى على الحق
الآيات 20 ـ 25
(وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ *اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ *وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ *إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ *إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ )
وهذا الرجل سمع بالمرسلين وجاء من أطراف المدينة يسعى لرفع كلمة الله عالية وينصر رسله
يحث قومه على اتباع الرسل
فهم لا يطلبون مالا ولا جاها وإنما يدعون لتوحيد الله وطاعته
إن هذه الآلهة لا تضر ولا تنفع بشئ ولن ينقذونى إن أرادنى الله بسوء
ويقول ماذا يمنعنى أن أخلص فى عبادتى لله وأعمل صالحا ، إن لم أفعل ذلك فأنا فى ضلال واضح ليس به شك
اشهدوا بأنى آمنت بالله وبما جاء به المرسلون
الآيات 26 ـ 29
(قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ *بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ *وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ *إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ)
جعل قومه يرجمونه بالحجارة حتى قتلوه
فقال له الله ادخل الجنة قد أذهب الله عنه عناء الدنيا ونعمه فى جنته فقال الرجل : ياليت أن قومى يعلمون بفضل الله علىّ ورحمته وغفرانه لى وأكرمنى مع عباده المكرمين
وأمنيته هذه معناها أنه لو أن الناس علموا حقيقة غيبيات الأمور لاتبعوا الرسل وتنعموا برحمة الله وغفرانه
ثم يقول تعالى : فانتقم الله من قومه من بعد ما قتلوه وغضب عليهم ولم يحتاج لإبادتهم لجنود من السماء ولكن أرسل عليهم العذاب بصيحة واحدة بلا عتاب دمرتهم فورا
المصدر: منتدى عدلات النسائي