حينما أكون فى القاهرة عادة ما أصلى الجمعة فى مسجد قريب من بيتى، وهذا ماحدث يوم الجمعة الماضى الثلاثين من نوفمبر، وأثناء دخولى للمسجد وجدت بعض الحرس على الباب وقد وضعوا جهازاً لكشف الأسلحة والمتفجرات كان يدخل منه المصلون، فسأل أحد المصلين ضابطاً: لماذا تضعون هذا؟ فقال له: إن الرئيس يصلى داخل المسجد، وأذكر أننى حينما ذهبت لصلاة الجمعة بعد تولى الرئيس مرسى السلطة، وكانت الجمعة الأولى له صادفت أيضاً وجود الرئيس فى المسجد الذى كنت أصلى فيه، لكن لم يكٌن هناك أى أجهزة للتفتيش، حتى إن معظم المصلين -كما ذكرت فى مقال نشرته حينها- لم يعلموا بوجود الرئيس فى المسجد إلا بعد انتهاء الصلاة، ويبدو أنه بعد الانتقادات التى وُجهت للرئيس بعدما أصبحت صلاة الجمعة حدثاً تغطيه الصحافة ووسائل الإعلام، أصبح يصلى فى مسجد قريب من بيته دون إعلان ودون صحافة، غير أن حراسته فرضت بعض أشكال التأمين الواجبة فى مثل هذه الأماكن العامة.
بعد انتهاء الصلاة كنتُ على سفر، وخلال توجهى لمطار القاهرة سمعت فى نشرة أخبار راديو «بى بى سى» أن المصلين فى المسجد الذى صلى فيه الرئيس محمد مرسى هتفوا ضده، وزاد الخبر على ذلك بأن المصلين احتجزوه فى المسجد ولم يستطِع الخروج إلا بعد مدة، حيث خرج من المسجد وسط حراسته بسرعة، وتعجبت من الخبر لأننى كنت حاضراً وشاهداً وبقيت فى المسجد حتى خرج منه المصلون والرئيس، فور وصولى للمطار فتحت المواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت حتى أتابع الأمر فوجدت عدداً من القصص الغريبة والأكاذيب العجيبة والتدليس الإخبارى والهوى الفاسد لبعض الصحفيين عما حدث فى المسجد، حتى إن بعض الأخبار كان متناقضاً ويكشف عن حجم الكراهية التى يكنّها كثير من الصحفيين ومسئولى المواقع الإخبارية للرئيس، ورغبتهم فى تشويه صورته حتىبالأكاذيب المكشوفة والقصص المفبركة، وهذا غالب ما ينشره الإعلام الفاسد، جزء من الحقيقة ربما لا يساوى أكثر من ربع الحدث فى بعض الأحيان ثم ثلاثة أرباع الحدث من وهم وخيال الكاتب، وهذا يؤكد أن مهنة الصحافة فى مصر وغالبية الصحفيين بحاجة إلى تربية أخلاقية، وإلى تدريب مهنى عالٍ حتى يكونوا على مستوى مسئولية المهنة، لأن أعراض الناس وأمن مصر ومستقبل ثورتها أصبحت مهددة من الصحفيين والإعلاميين الفاسدين أكثر من أى شىء آخر، ومن الأخبار العجيبة التى قرأتها وأنا أتابع ردود الفعل على القصص المفبركة عن الحدث أن المهرطقين سرعان ما نقلوا هذه الأكاذيب إلى المعتصمين فى ميدان التحرير المناوئين للرئيس مرسى، وسرعان ما هتف هؤلاء وصاحوا وكأنهم حققوا الانتصار فى موقعة «الهرطقة»، وقد اتصل بى فى هذه الأثناء أحد أصدقائى ممن يحترفون الدخول على مواقع التواصل الاجتماعى ويتابعون ما فيها، وهى عالم آخر لا أجد وقتاً لمتابعة ما يحدث فيه، فقال لى: هل علمت ما حدث للرئيس مرسى فى صلاة الجمعة؟ قلت له: ماذا حدث؟ فروى لى جانباً من الأكاذيب المنشورة على صفحات التواصل الاجتماعى؟ قلتُ له: ما رأيك أننى تصادف وجودى فى المسجد وقد رأيت المشهد كاملاً ولم أرَ شيئاً من هذا الهراء، قال متعجباً: بالله عليك كنت هناك فى المسجد؟ ماذا رأيت إذن؟… «نكمل غداً».
المصدر 0000 كلمتى
المصدر: منتدى عدلات النسائي