Quantcast
Channel: عدلات
Viewing all articles
Browse latest Browse all 46095

لوحات من عمق التاريخ

$
0
0

لوحات من عمق التاريخ


الأمل
للفنان البريطاني جورج فريدريك واتس

لوحات من عمق التاريخ

قد لا تصنّف هذه اللوحة ضمن الأعمال الفنّية التي تثير الفرح أو تبعث على البهجة والارتياح، لكنها مع ذلك تحمل فكرة إنسانية عظيمة وتثير أجمل وأنبل ما في النفس الإنسانية من مشاعر وأحاسيس.
عندما أتمّ جورج واتس رسم اللوحة منذ أكثر من مائة عام، سرعان ما وجدت طريقها إلى كلّ بيت وأصبحت حديث الناس والنقاد، على السواء، في بريطانيا.
وبالنظر إلى مضمونها العاطفي والإنساني العميق، فقد انتشرت اللوحة حول العالم واستنسخت مرارا وتكرارا وظهرت العديد من قصائد الشعر التي تستمدّ من مضمون اللوحة موضوعا لها.
العنوان قد لا يدلّ على جوّ اللوحة، إذ نرى امرأة معصوبة العينين وحافية القدمين وهي تجلس في وضع انحناء فوق ما يبدو وكأنه مجسّم للأرض بينما راحت تعزف على آخر وتر تبقّى في قيثار مكسور.
تعابير وجه المرأة غامضة إلى حدّ ما، بينما يغرق المشهد كله في موجات مهتزّة من اللازوردي والأصفر بتدرّجاتهما المشعّة.
بعض النقاد يرون أن اللوحة تعبّر في الواقع عن اليأس وتثير إحساسا بالحزن، بينما يرى آخرون أنها تعبّر عن تمسّك الإنسان بالأمل ورفضه الاستسلام لليأس. فالمرأة مستمرّة في العزف حتى بعد أن لم يتبقّ في قيثارتها سوى وتر وحيد.
واتس كان احد أعظم الفنانين الذين ظهروا خلال العصر الفيكتوري، وكان للوحاته مضامين رمزية؛ أخلاقية وفلسفية وروحية.
في ذلك العصر كان الفنانون والأدباء والشعراء مفتونين بالموسيقى وعناصر الجمال المختلفة. ومثل معظم معاصريه، كان واتس منشدّا إلى فكرة الموت، إذ كان يرى فيه مفسّرا للحياة وامتدادا لها.
وربّما لهذا السبب، تروق لوحاته كثيرا للمتديّنين وللفئات الاجتماعية المحرومة، بالنظر إلى طبيعتها الروحية التي تضفي على مشاعر الحزن والألم واليأس طابعا من الجمال والنبل والقداسة.
كان واتس يرسم الأفكار لا الأشياء، وكثيرا ما كان يحيط شخوص لوحاته بأجواء ضبابية أو غائمة للإيحاء بأنها انعكاس لأفكار ورؤى معيّنة.
وكان يعتقد دائما أن باستطاعة الفن أن يعبّر عن قوّة الحياة وإرادة الإنسان.
وفي الوقت الذي كان معاصروه يميلون إلى تصوير الأمل والمعاناة والحزن والحياة والموت على هيئة نساء إغريقيات يرتدين ملابس طويلة وشفّافة، كان واتس يجد كل هذه المعاني والظواهر داخل نفسه ويعبّر عنها بمناظره التي يرسمها اعتمادا على معرفته وخبراته الذاتية وميله للتأمّل والنزوع الفلسفي.
والذي يتملّى البناء الفنّي لهذا اللوحة المتميّزة لا بدّ وأن ينصرف تفكيره إلى لوحة بيكاسو الشهيرة عازف الغيتار العجوز، التي تصوّر عجوزا أعمى يعزف على غيتاره بلا اهتمام.
وهناك من المؤرّخين والنقاد من ذهبوا إلى أن لوحة واتس، الموجودة اليوم في متحف تيت البريطاني، تتضمّن صورة سياسية مجازية، وأن المرأة ليست في الحقيقة سوى رمز لبريطانيا التي فتحت العالم وبلغت أوج مجدها وانتصاراتها خلال حكم الملكة فيكتوريا.
لكن ذلك كله لم يجلب السلام ولم يحقّق للناس السعادة وراحة البال التي كانوا يتطلعون إليها في ذلك الوقت.



اللوحة الفنية العالمية
إمرأة تقرأ كتاباً للرسام الفرنسي فراغونار

لوحات من عمق التاريخ

يحدث أحيانا أن ينجذب أحدنا إلى لوحة ما ويشعر بمتعة النظر إليها والتمعّن في تفاصيلها مرّة بعد أخرى، دون أن يعرف على وجه التحديد ما الذي يشدّه إليها أو يعجبه فيها.
هذا الكلام ينطبق إلى حدّ كبير على هذه اللوحة الرائعة التي تنطق جميع تفاصيلها بالإبداع المبذول في إنجازها والرّقة التي تعامل بها الفنان وهو يرسم خيوطها الدقيقة وألوانها الناعمة والبديعة.
يصنّف جان اونوريه فراغونار باعتباره أشهر رسّام شاعري فرنسي خلال القرن الثامن عشر.
كان غزير الإنتاج إذ رسم أكثر من خمسمائة لوحة تناولت مواضيع عديدة ومتنوّعة.
وفي بدايات احترافه للرسم تتلمذ فراغونار على يد فرانسوا بوشير ثم سافر إلى ايطاليا ومكث فيها أربع سنوات قلّد أثناءها لوحات كبار فنّاني الباروك ورسم مناظر للطبيعة والريف الايطالي.
قضى الفنان الجزء الأكبر من حياته خلال ما عرف بالفترة النيو كلاسيكية، لكنه مع ذلك ظلّ يرسم بأسلوب الروكوكو إلى ما قبيل اندلاع الثورة الفرنسية.
وما لبث أن أبدى اهتماما خاصّا برسم المناظر المنزلية المستوحاة من فلسفة جان جاك روسو الأخلاقية ومن بعض الروايات العاطفية.
وقد كان فراغونار بارعا مثل أستاذه بوشيه في رسم وجوه وأجساد لنساء شابّات رغم انه كان يهتم أكثر بإظهار انفعالاتهن ومشاعرهن.
هذه اللوحة تعتبر واحدة من أشهر اعمال فراغونار، وبعض نقاد الفن يعتبرونها أفضل عمل تشكيلي يصوّر فكرة المرأة القارئة. وفيها نرى امرأة شابة وهي منهمكة بوقار في قراءة كتاب.
وأوّل ما يمكن ملاحظته في هذه اللوحة هو التوازن الجميل بين عناصرها الرئيسية: الكتاب ويد المرأة ووضعية رأسها وانبساط جسدها المستند إلى الأريكة.
وبالإمكان أيضا أن نلمح هنا شيئا من سحر رينوار وأسلوبه المتفرّد، خاصة في توزيع الإضاءة واستخدام ضربات فرشاة سريعة وعريضة مع ألوان مذابة قوامها الليلكي والزعفراني والأبيض والزهري وتدرّجاتها المختلفة.
مما يلفت الانتباه أيضا في اللوحة الأسلوب البارع الذي اتبعه الفنان في رسم أصابع يد المرأة الممسكة بالكتاب وفي تمثيل الياقة العريضة والانثناءات والالتواءات التي تتخلل ثوب المرأة نزولا إلى الرداء الذي تجلس عليه.
كان فراغونار نفسه رجلا مثقفا ومحبّا للقراءة، وله العديد من اللوحات التي صوّر فيها قتيات ونساءا في لحظات عزلة وتأمّل صامت.
كما رسم سلسلة لوحات أخرى أطلق عليها اسم اللوحات الفانتازية ضمّنها رؤيته عن الموسيقى والفنون والشعر.
قضى فراغونار السنوات الأخيرة من حياته في حال من النسيان والفقر والعزلة ومات وحيدا عام 1806 دون أن تثير وفاته انتباه احد من زملائه أو مريديه. ويضمّ متحف اللوفر اليوم خمسا من أهم لوحاته فيما تستقرّ لوحته الشهيرة الأخرى الأرجوحة في متحف المتروبوليتان بنيويورك.



آكلو البطاطس
لوحة فنية عالمية للفنان الهولندي العالمي فان كوخ

لوحات من عمق التاريخ

هذه اللوحة ربّما تنتمي إلى ذلك النوع من اللوحات التي لا تنجذب لها العين بسهولة، فجوّها يبعث على الكآبة وملامح شخوصها قاسية بل ودميمة إلى حدّ ما. وبالنسبة لفان غوخ نفسه، لم تكن الحياة جميلة ولا سهلة، إذ كان يرى الكثير من العيوب ومظاهر الدّمامة من حوله، وقد أظهر بعض تلك العيوب في لوحاته.
كان فان غوخ يشعر بالتعاطف مع أصحاب المهن الدنيا والبسيطة كالصُنّاع والفلاحين. وكان هو نفسه يعيش آنذاك حياة الكفاف إذ كان يسكن بيتا قديما وينام على سرير مهلهل ويجاهد في أن يعيش حياته يوما بيوم. في هذه اللوحة رسم فان غوخ عائلة من الفلاحين يجلس أفرادها حول مائدة ويأكلون البطاطس على ضوء مصباح شاحب.
وقد حرص الفنّان على أن يرسم ملامحهم بهذا الشكل ليعكس من خلاله طبيعة حياتهم وواقعهم البائس.
وأكثر ما يجذب الانتباه في تفاصيل هذه اللوحة مصباح الزيت المعلّق في السقف والطريقة البارعة التي وزّع بها الفنان الضوء في زوايا وأرجاء الغرفة.
ثم هناك المرأة التي تصبّ القهوة ومنظر الطاولة بأطرافها المهترئة والمتآكلة.
وهناك أيضا صحن البطاطس الكبير والأصابع الممتدّة نحوه والتي تبدو كالعظام لفرط هزالها وضعفها. إنها – من وجهة نظر فان غوخ – نفس الأصابع العارية التي يحفر بها هؤلاء الفلاحون البسطاء أرضهم ليكسبوا لقمة عيشهم بجدّ وتعب وأمانة.
في بدايات حياته، كان فان غوخ يتطلّع لان يرسم لوحة متفرّدة تدفع به إلى الواجهة وتكون شاهدا على موهبته في أعين النقّاد وعند عامّة الناس.
ولم يمضِ وقت طويل حتى ظهرت هذه اللوحة التي يعتبرها النقّاد اليوم واحدةً من أعظم لوحات فان غوخ، رغم أن اللوحة لم تحقّق ذلك النجاح الكبير خلال حياته.



رقص في كولومبيا
لوحة فنية للرسام العالمي فرناندو بوتيرو

لوحات من عمق التاريخ

لوحات بوتيرو تذكّر إلى حدّ كبير بروايات مواطنه الأشهر غابرييل غارسيا ماركيز التي يمتزج فيها الواقع بالخيال وتحتشد بقصص السحر والأساطير الشائعة بكثرة في ثقافات أمريكا اللاتينية.
ويمكن بسهولة التعرّف على لوحات ومنحوتات بوتيرو بسبب المبالغة التي يستخدمها في تمثيل أعضاء شخوصه والطابع الكاريكاتيري الذي يغلب على لوحاته حيث الأشكال الدائرية والأعضاء المنتفخة.
ولد بوتيرو في العام 1932 في مدينة ميديين التي ما يزال طابع فنّ الباروك غالبا على كنائسها. وفي مرحلة تالية سافر إلى أوربّا ليدرس أعمال كبار الرسّامين. وقد تلقى في مدريد دروسا في أكاديمية الفن وأنجز أعمالا تترسّم خطى فاليسكيز وغويا. كما ذهب إلى إيطاليا ليدرس أساليب فنّانيها العظام.
في هذه اللوحة يصوّر بوتيرو مشهدا من مقهى ليلي تحتشد أجواؤه بالموسيقى والرقص.
وهناك سبعة موسيقيين ضخام بالإضافة إلى راقصين اصغر قليلا. وعلى الأرض تناثرت حبّات من الفاكهة.
وكما في معظم لوحات بوتيرو، يبدو الأشخاص هنا كما لو أنهم يتأهّبون لالتقاط الصور..
والكثير من مواضيع لوحات بوتيرو عبارة عن ترجمة لقصص وأساطير اختزنها عقله منذ الطفولة.
إن الفنان يحتفي بالحياة على طريقته الخاصة. لكن خلف روح الهزل والسخرية التي تطبع رسوماته، ثمّة دائما فكرة سياسية أو مضمون فلسفي أو اجتماعي ما.
في العديد من لوحات بوتيرو نرى صورا لرؤساء وجنود ورجال دين. وهو كثيرا ما ينتقد العسكر والبورجوازيين ورموز السلطة.
ويلاحظ حضور العناصر الكولومبية بقوة في لوحات بوتيرو، خاصة العلم وألوانه المتعددة.
وقد حوّل بوتيرو بعض لوحاته إلى أعمال نحتية ضخمة يمكن رؤية بعضها في ميادين العديد من عواصم العالم.
في بدايات عام 2004 تبرّع بوتيرو بمجموعة من عشرين لوحة صوّر فيها جوانب مختلفة من العنف الطويل الذي شهدته بلاده، وأهدى تلك الرسومات إلى متحف كولومبيا الوطني.
ومؤخّرا رسم بوتيرو خمسين لوحة أخرى كرّسها لأحداث سجن أبو غريب وقد عبّر الفنان في تلك الرسومات عن شعوره بالصدمة والغضب جرّاء تعذيب السجناء هناك وانتهاك حقوقهم.



منظر ل ديليفت
للفنان الهولندي يوهان فيرمير


لوحات من عمق التاريخ

لوحة أخرى ل فيرمير يعتبرها الكثير من النقاد ومؤرّخي الفن احد أفضل الأعمال التشكيلية الغربية التي تصوّر طبيعة الحياة في مدينة بحرية.
بل أن الروائي الفرنسي مارسيل بروست يعتبرها أجمل لوحة وقعت عليها عيناه.
والمدينة التي اختارها فيرمير موضوعا لهذه اللوحة هي ديليفت ، مدينة الفنان التي ولد فيها وعاش وتوفّي.
وفي العصور اللاحقة أصبح اسم هذه المدينة مرادفا لاسم هذا الفنان العظيم الذي خلّد في رسوماته الكثير من مظاهر الحياة اليومية فيها، ابتداءً من البيوت ذات الديكورات الزخرفية المتوهّجة وانتهاءً بالوجوه التي طالما أحبّها وألفها.
رسم فيرمير هذه اللوحة حوالي منتصف القرن السابع عشر، وهي الفترة التي شهدت ذروة ازدهار الفنون والثقافة في هولندا.
في ذلك الوقت، كان فيرمير يعتبر ثاني أشهر رسّام هولندي بعد رمبراندت، وكان رسم المدن تقليدا شائعا لدى عدد غير قليل من الرسّامين الهولنديين.
ومن الواضح أن فيرمير بذل جهدا كبيرا في رسم اللوحة التي تشهد كل تفاصيلها بقوّة ملاحظة الفنان وبراعته في الإمساك بتأثيرات الضوء والظل.
وهذا واضح من خلال طريقة تمثيل الغيم والانعكاسات المائية التي تضفي على المشهد إحساسا بالفورية والحيوية والتلقائية.
واللوحة تزخر بالكثير من التفاصيل: بوّابتان إلى اليمين والوسط يتخللهما صفّ من البيوت. هناك أيضا برجا الكنيستين القديمة والحديثة وبعض سفن الصيد الراسية في مياه القنال. وفي الجزء الأمامي من اللوحة إلى اليسار، نرى عددا قليلا من الرجال والنساء واقفين على الشاطئ.
جوّ اللوحة يعطي انطباعا بأن فيرمير قد يكون رسم اللوحة في صباح يوم بارد. وتبدو الغيوم كما لو أنها تنقشع ببطء بعد ليلة ممطرة، فيما الشمس ترسل وهجها اللامع على صفحة الماء وأسطح البيوت الممتدّة على الشاطئ.
أكثر ما يلفت الانتباه في هذا المنظر الأثيري البديع هو الأسلوب الواقعي الذي وظّفه فيرمير في رسمه. وربّما لهذا السبب يعتبر بعض النقاد هذه اللوحة نموذجا ممتازا للوحة الوصفية التي يمكن للإنسان أن يستمتع بالنظر إليها والتمعّن في جمالياتها دونما حاجة إلى الكثير من الشرح أو التحليل.
وقد قيل في بعض الأوقات أن كثافة وعمق الألوان في اللوحة والتأثيرات البصرية المبهرة التي استخدمت في رسمها تجعل من عملية استنساخها أو تقليدها أمرا شبه مستحيل.
“منظر ل ديليفت” ليست مجرّد لوحة عن الحياة في مدينة بحرية وإنما يمكن اعتبارها معلما يجسّد روح وشخصية هذه المدينة وسجّلا يؤرّخ لأسلوب وشكل الحياة الذي كان سائدا فيها قبل أربعة قرون.
ممّا يجدر ذكره أن فيرمير مات فقيرا معدما، وبعد وفاته ضاع اسمه في غياهب النسيان، وطوال مائتي عام لم يعد احد يتذكّره بشيء.
وقد اضطرّت أرملته بعد وفاته لبيع لوحاته كي تعتاش من ثمنها.
لكن مع حلول منتصف القرن التاسع عشر عاد اسمه إلى الواجهة مجدّدا. واليوم يُنظر إلى فيرمير باعتباره احد أعظم الرسّامين، ليس في بلده هولندا فحسب وإنما في العالم كله.



يتبع




Viewing all articles
Browse latest Browse all 46095

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>