Quantcast
Channel: عدلات
Viewing all articles
Browse latest Browse all 46095

أمنا الطاهرة عائشة حبيبة سيد الخلق عليه السلام

$
0
0

بســم الله الـرحمــن الرحيــم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكــم ورحمة الله وبركاته


السيدة عائشة بنت أبي بكر أم المؤمنين



" أنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته

فليس مسجد يُذكر الله فيه إلا وشأنك يُتلى
فيه آناء الليل وأطراف النهار " ابن عباس

هي عائشـة بنت أبي بكر الصديـق ، عبد الله بن أبي قحافـة عثمان بن عامر من ولد تيـم بن مرة ، ولدت السيـدة عائشـة بعد البعثة بأربع سنين ، وعقد عليها رسـول اللـه - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة بسنة ، ودخـل عليها بعد الهجرة بسنة أو سنتيـن ، وقُبِضَ عنها الرسول الكريم وهي بنـت ثمان عشرة سنة ، وعاشت ست وستين سنة ، وحفظت القرآن الكريم في حياة الرسول ،وروت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ألفي حديث ومائتي وعشرة أحاديث


الرؤيا المباركة

قال الرسـول - صلى الله عليه وسلم - : ( أُريتُـكِ - وهو يخاطب عائشـة - في المنام ثلاث ليالٍ ، جاءني بك الملك في سَرَقةٍ من حرير ، وهو الحرير الأبيض ، فيقول : ( هذه إمرأتك ) ، فاكشف عن وجهك فإذا أنت هي ؟ ، فأقول : ( إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ)


الخِطبة

عندما ذكرت خولة بنت حكيـم لرسـول الله - صلى الله عليه وسلم - اسم عائشة لتخطبها له ، تهلل وجهه الشريف لتحقق الرؤيا المباركة ، ولرباط المصاهـرة الذي سيقرب بينه وبين أحـب الناس إليه ، دخلت خولة الى بيت أبي بكر ، فوجدت أم عائشة فقالت لها : ( ماذا أدخل الله عليكم من الخير و البركة ؟ ) ، قالت أم عائشة : ( وما ذاك ؟ ) ، أجابت : ( أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخطبُ له عائشة ) ، فقالت : ( ودِدْتُ ، انتظري أبا بكر فإنه آتٍ )

وجاء أبو بكر فقالت له : ( يا أبا بكر ، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟ ! أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخطبُ عائشـة ) ، فذكر أبو بكر موضعـه من الرسـول - صلى الله عليه وسلم - وقال : ( وهل تصلح له ؟ ، إنما هـي ابنة أخيه ؟ ) ، فرجعت خولة الى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالت له ذلك ، فقال : ( ارجعي إليه فقولي : أنت أخي في الإسلام ، وأنا أخوك ، وبنتك تصلحُ لي )

فذكرت ذلك لأبي بكر فقال : ( انتظريني حتى أرجع ) ، فذهب ليتحلل من عِدَةٍ للمطعم بن عدي ، كان ذكرها على ابنه ، فلما عاد أبو بكر قال : ( قد أذهبَ الله العِدَة التي كانت في نفسـه من عدِتِه التي وعدها إيّـاه ، ادْعي لي رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - ) فدعتْه وجاء ، فأنكحه ، فحصلت قرابة النسب بعد قرابة الدين.


العروس المباركة

وبعد أن هاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين الى المدينة ، وحين أتى الميعاد أسرع الأصحاب من الأنصار وزوجاتهم الى منزل الصديق حيث كانت تقوم فيه العروس المباركة ، فاجتمعت النسوة الى آل الصديق يهيئن العروس لتزفّ الى زوجها ( سيد الخلق ) ، وبعد أن هيَّئْنَها وزفَفْنها ، دخلت ( أم الرومان ) أم عائشة بصحبة ابنتها العروس الى منزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - من دار أبي بكر ، و قالت : ( هؤلاء أهلك ، فبارك الله لك فيهنّ ، وبارك لهن فيك )وتنقضي ليلة الزفاف في دار أبي بكر ( في بني الحارث بن الخزرج ) ثم يتحوّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأهله الى البيت الجديد ، وهو حجرة من الحجرات التي شُيّدت حول المسجد.


حديث الإفك


حديث الإفك خطير أفظع الخطر في مضمونه ومحتواه ، فمضمونه : العداء للإسلام والمسلمين ، ومحتواه : قذف عرض النبي - صلى الله عليه وسلم - وإشاعة مقالة السوء في أهله الأطهار ، و أغراضه : إكراه الرسول - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين على الخروج من المدينة ، وأهدافه : إزالة آثار الإسلام والإيمان من قلوب الأنصار.


الحادثة

وفي غزوة المصطلق سنة ست للهجرة ، تقول السيدة عائشة : ( فلما فرغ الرسول - صلى الله عليه وسلم - من سفره ذلك وجّه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل ، ثم أذّن في الناس بالرحيل ، فارتحل الناس ، وخرجت لبعض حاجاتي وفي عنقي عقد لي ، فلما فرغت أنسل من عنقي ولا أدري ، فلما رجعت الى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده ، وقد أخذ الناس في الرحيل ، فرجعت الى مكاني الذي ذهبت إليه ، فالتمسته حتى وجدته ، وجاء القوم خلافي ، الذين كانوا يُرَحِّلون لي البعير ، وقد فرغوا من رحلته ، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع ، فاحتملوه فشدوه على البعير ، ولم يشكوا أني فيه ، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به ، فرجعت الى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب ، قد انطلق الناس

فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني ، وعرفت أن لو قد افتقدت لرُجع إلي ، فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطّل السُّلَمي ، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته ، فلم يبت مع الناس ، فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي ، وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب ، فلما رآني قال : ( إنا لله وإنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) ، وأنا متلففة في ثيابي ، قال : ( ما خلّفك يرحمك الله ؟ ) ، فما كلمته ، ثم قرب البعير فقال : ( اركبي ) ، واستأخر عني ، فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس ، فوالله ما أدركنا الناس وما افتُقدت حتى أصبحت ، ونزل الناس ، فلما أطمأنوا طلع الرجل يقود بي ، فقال أهل الإفك ما قالوا ، فارتعج العسكر ، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك ).



مرض عائشة

وفي المدينة مرضت السيـدة عائشـة مرضاً شديداً ، ولم تعلم بالحديـث الذي وصل للرسـول - صلى الله عليه وسلم - وأبويها ، إلا أنها قد أنكرت من الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعض لطفه بها ، وحين رأت جفائه لها استأذنت بالإنتقال الى أمها لتمرضها فأذن لها ، وبعد مرور بضع وعشرين ليلة خرجت مع أم مِسْطح بنت أبي رُهْم بن المطلب بن عبد مناف ، فعلمت بحديث الإفك ، وعادت الى البيت تبكي وقالت لأمها : ( يغفر الله لك ، تحدّث الناس بما تحدّثوا به وبلغك ما بلغك ، ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً) ، قالت : ( أي بُنَيَّة خفِّضي الشأن ، فوالله قلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يُحبها لها ضرائر إلا كثّرن وكثّر الناس عليها )



الأوس والخزرج

وقد قام الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الناس يخطبهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : ( أيها الناس ، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ، ويقولون عليهم غير الحق ؟ ، والله ما علمت منهم إلا خيراً ، ويقولون ذلك لرجلِ والله ما علمت منه إلا خيراً ، وما دخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي ) ، فلمّا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك المقالة ، قال أسيْد بن حُضَيْر : ( يا رسول الله ، إن يكونوا من الأوس نكفكهم ، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمُرْنا بأمرك ، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم )
فقام سعد بن عُبادة فقال : ( كذبت لعمر الله لا تُضرَب أعناقهم ، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج ، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا ) ، قال أسيد: كذبت لعمر الله ، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين ) ، وتساور الناس حتى كاد أن يكون بين هذين الحيّين من الأوس والخزرج شرّ ، ونزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - فدخل على عائشة.



الإستشارة

ودعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد ، فاستشارهما ، فأما أسامة فأثنى خيراً وقال : ( يا رسول الله ، أهلك ، ولا نعلم عليهن إلا خيراً ، وهذا الكذب و الباطل ) ، وأما علي فإنه قال : ( يا رسول الله ، إنّ النساء لكثير ، وإنك لقادر على أن تستخلف ، وسلِ الجارية تصدُقك ) ، فدعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - ( بريرة ) ليسألها ، فقام إليها علي فضربها ضربا شديداً وهو يقول : ( اصدقي رسول الله ) ، فقالت : ( والله ما أعلم إلا خيراً ، وما كنت أعيب على عائشة إلا أني كنت أعجن عجيني ، فآمرها أن تحفظه فتنام عنه ، فيأتي الداجن فيأكله ).



الرسول و عائشة

تقول السيدة عائشة : ( ثم دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي أبواي ، وعندي امرأة من الأنصار ، وأنا أبكي وهي تبكي معي ، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( يا عائشة ، إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس ، فاتّقي الله وإن كنت قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي الى الله ، فإن الله يقبل التوبة من عباده )
قالت : ( فوالله ما هو إلا أن قال ذلك ، فقلص دمعي ، حتى ما أحس منه شيئاً ، وانتظرت أبَوَيّ أن يجيبا عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يتكلما ، فقلت لهما : ( ألا تجيبان رسول الله ؟) ، فقالا لي : ( والله ما ندري بماذا نجيبه )قالت : ( فلما أن استعجما عليّ استعبرت فبكيت ثم قلت : ( والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً ، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس ، والله يعلم أنّي منه بريئة ، لأقولن ما لم يكن ، ولئن أنا أنكرت ما تقولون لا تُصدِّقونني ، ولكني أقول كما قال أبو يوسف : ( فصبرٌ جميلٌ والله المستعان على ما تصفون ).



البراءة


قالت السيدة عائشة : ( فوالله ما بَرِحَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه ، فسُجِّي بثوبه ، ووضِعت له وسادة من أدم تحت رأسه ، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت ، فوالله ما فزعت كثيرا ولا باليت ، قد عرفت أني بريئة ، وإن الله غير ظالمي ، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرّيَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فَرَقاً أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس )

ثم سُرِّيَ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلس وإنه ليتحدّر منه مثل الجُمان في يومٍ شاتٍ ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول : ( أبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله براءتـك ) ، فقالت : ( بحمـد الله وذمّكم ) ، ثم خرج الى الناس فخطبهم ، وتلا عليهم ما أنزل اللـه عز وجل من القرآن ، سورة النور ( 11-19 ) ، وبدايتها

قال تعالى : ( " إنَّ الذين جَاؤُوا بالإفكِ عُصْبَةُ منكم ، لا تحسبوه شراً لكم بلْ هو خيرُ لكم ، لكل امرىءٍ منهم ما اكتسبَ من الإثم ، والذي تولَّى كِبْرَهُ منهم له عذابٌ عظيمٌ ، لولا إذ سمعتُموه ظنَّ المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ً " )



إقامة الحد


ثم أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بمسطح بن أثاثة ، وحسان بن ثابت ، وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدَّهم.



حبيبة الحبيب

قالت السيدة عائشة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( يا رسول الله ، كيف حبّك لي ؟) ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( كعقد الحبل ) ، فكانت تقول له : ( كيف العُقدةُ يا رسول الله ؟) ، فيقول : ( هي على حالها ) ، كما أن فاطمة - رضي الله عنها - ذهبت الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تذكر عائشة عنده فقال : ( يا بُنية : حبيبة أبيك )
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - لأم المؤمنين عائشة : ( كنتِ أحبَّ نساء النبي- صلى الله عليه وسلم - إليه ، ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحبُّ إلا طيّباً ) ، وقال : ( هلكت قلادتُك بالأبواء ، فأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتقطها فلم يجدوا ماءً ، فأنزل الله عزّ وجل :
قال تعالى : ( فتيمموا صعيداً طيباً )
فكان ذلك بسببكِ وبركتك ما أنزل الله تعالى لهذه الأمة من الرخصة) ، وقال : ( وأنزل الله براءتك من فوق سبع سمواته ، فليس مسجد يُذكر الله فيه إلاّ وشأنك يُتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار ) ، فقالت : ( يا ابن عباس دعني منك ومن تزكيتك ، فوالله لوددت أني كنت نسياً مِنسياً ).



رؤية جبريل

قالت السيـدة عائشـة : ( رأيتك يا رسـول الله واضعاً يدك على معرفة فرسٍ ، وأنت قائم تكلِّم دِحيـة الكلبي )، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( أوَقدْ رأيته ؟) ، قالت : ( نعم! ) ، قال : ( فإنه جبريل ، وهو يقرئك السلام ) ، قالت : ( وعليه السلام ورحمة الله وجزاه الله خيراً من زائر ، فنعم الصاحب ونعم الداخل ).



زهدها


قال عروة : ( أن معاوية بعث الى عائشة - رضي الله عنها - بمائة ألف ، فوالله ما غابت الشمس عن ذلك اليوم حتى فرّقتها ، قالت لها مولاتها : ( لو اشتريت لنا من هذه الدراهم بدرهمٍ لحماً ! ) ، فقالت : ( لو قلت قبل أن أفرقها لفعلت ).


فضلها العلمي


كانت السيدة عائشة صغيرة السن حين صحبت الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا السن يكون الإنسان فيه أفرغ بالا ، وأشد استعداداً لتلقي العلم ، وقد كانت السيدة عائشة - رضي الله عنها - متوقدة الذهن ، نيّرة الفكر ، شديدة الملاحظة ، فهي وإن كانت صغيرة السن كانت كبيرة العقل ، قال الإمام الزهري : ( لو جمع علم عائشة الى علم جميع أمهات المؤمنين ، وعلم جميع النساء ، لكان علم عائشة أفضل ) ، وقال أبو موسى الأشعري : ( ما أشكل علينا أمرٌ فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علماً )
وكان عروة يقول للسيدة عائشة : ( يا أمتاه لا أعجب من فقهك ؟ أقول زوجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابنة أبي بكر ، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب ، أقول بنية أبي بكر - وكان أعلم الناس - ولكن أعجب من علمك بالطب فكيف هو ؟ ومن أين هو ؟ وما هو ؟) ، قال : فضربت على منكبي ثم قالت : ( أيْ عُريّة - تصغير عروة وكانت خالته - إنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسقم في آخر عمره ، فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه فتنعت له فكنت أعالجه ، فمن ثَمَّ ).



اعتزال النبي لنسائه


اعتزل النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه شهراً ، وشاع الخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد طلّق نساءه ، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك ، واستأذن عمر عدّة مرات للدخول على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلم يؤذن له

ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي - صلى الله عليه وسلم - متكىء على حصير قد أثر في جنبه ، فقال عمر : ( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟) ، فرفع - صلى الله عليه وسلم - رأسه وقال : ( لا) ، فقال عمر : ( الله أكبر ) ، ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي - صلى الله عليه وسلم - ما لاقى من نسائـه ، فقال عمر : ( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم ، فغضبتُ على امرأتي يوماً ، فإذا هي تراجعني ، فأنكرت أن تراجعني ، فقالت : ( ما تُنْكِر أن راجعتك ؟ فوالله إن أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ليراجعْنَهُ ، وتهجره إحداهنّ اليوم الى الليل ) ، فقلت : ( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذاً هي قد هلكت ؟)
فتبسّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقال عمر : ( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت : ( لا يغرنّك أن كانت جاريتك - يعني عائشة - هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منك ) ، فتبسّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثانية ، فاستأذن عمر - رضي الله عنه - بالجلوس فأذن له
وكان - صلى الله عليه وسلم - أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ ، حتى عاتبه الله تعالى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والآية التي تليها في أمهات المؤمنين

قال تعالى : ( إِن تَتُوبَا إلى اللهِ فقد صَغَتْ قُلُوبُكُما وإن تَظَاهرا عَلَيه فإنّ اللهَ هوَ مَوْلاهُ وجِبريلُ وَصَالِحُ المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرٌ * عسى رَبُّهُ إن طلَّقَكُنَّ أن يُبْدِلَهُ أزواجاً خَيْراً منكُنَّ مُسْلِماتٍ مُؤْمِناتٍ قانتاتٍ تائباتٍ عابداتٍ سائِحاتٍ ثَيَّباتٍ وأبكاراً ) سورة التحريم آية ( 4-5 )
فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ
قال تعالى : ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير ).


السيدة عائشة والإمام علي


لم يكن يوم الجمل لعلي بن أبي طالب ، والسيدة عائشة ، وطلحة والزبير قصد في القتال ، ولكن وقع الإقتتال بغير اختيارهم ، وكان علي - رضي الله عنه - يوقر أم المؤمنين عائشة ويُجلّها فهو يقول : ( إنها لزوجة نبينا - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة ) ، وكذا السيدة عائشة كانت تُجِلّ علياً و توقره ، فإنها - رضي الله عنها - حين خرجت ، لم تخرج لقتال ، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين ، وظنّت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبيـن لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى ، فكانـت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلّ خمارها

فعندما أقبلت السيدة عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلاً ، نبحت الكلاب ، فقالت : ( أيُّ ماءٍ هذا ؟) ، قالوا : ( ماء الحوْأب ) ، قالت : ( ما أظنني إلا راجعة ) ، قال بعض من كان معها : ( بل تقدمين فيراك المسلمون ، فيُصلحُ الله ذات بينهم ) ، قالت : ( إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم : ( كيف بإحداكُنّ تنبُحُ عليها كلاب الحَوْأب ) وبعـد أن انتهى القتال وقـف علي - رضي اللـه عنه - على خِباء عائشـة يلومها على مسيرها فقالت : ( يا ابن أبي طالب ، ملكْتَ فأسْجِحْ - أي أحسن العفو - ) ، فجهَّزها الى المدينة وأعطاها اثني عشر ألفاً - رضي الله عنهم أجمعين -


معاوية والسيدة عائشة


لمّا قدِم معاوية المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة : ( أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟) ، قال معاوية : ( صدقتِ ) ، فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه ، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق ، والذي سنّ الخلفاء بعده ، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم ، فقالت في ذلك ، فلم تترِك
فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية : ( أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المناصحة المشفقة ، البليغة الموعظة ، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به ، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا ، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي ) ، فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً ، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان ، قال : ( والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبلغ من عائشة )



وفاتها

توفيت سنة ثمان وخمسين في شهر رمضان لسبع عشرة ليلة خلت منه ، ودُفنت في البقيع رضى الله عنها وأرضاها.



Viewing all articles
Browse latest Browse all 46095

Trending Articles