(( { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَل من مزيد ))
الحمد لله الذي تقدست عن الأشباه ذاته ، ودلت على وجوده آياته ومخلوقاته ، وأشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له خالق الخلق بما فيه ، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً
عبده ورسوله , نبي شرح الله له صدره ، ورفع الله له ذكره ، ووضع الله عنه وزره ، وجعل الذلة والصغار
على من خالف أمره ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه ..
بإحسان إلى يوم الدين . ،
عباد الله :
فإن سورة ( ق ) سوره مكية النزول طالما قرأها وتلاها وبين أسرارها
رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة جمعته على منبره حتى حفظ بعض الصحابة هذه السورة
من فيه الرطب صلوات الله وسلامه
عليه ولما كان لا هدي أكمل من هديه ولا طريق أقوم من طريقه فإنه حري بكل من رغب في إتباع السنة
والتماس الهدي النبوي أن يشرع بين الحين والآخر في ذكر ما في هذه السورة من عظيم الآيات،وجلائل
العظات، وبالغ التخويف من رب العالمين جل جلاله لعباده.
أيها المؤمنون :
لا أحد أعلم بالله من الله تبارك وتعالى , ولا أحد أدل على الطريق الموصل إلى جنانه والمبعد عن نيرانه
منه تبارك وتعالى ولهذا أقسم الله جل وعلا في صدر هذه السورة بالقرآن وختم هذه السورة بقوله جل
شأنه : { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } [ق45] .
وإن المؤمن إذا كان على الفطرة قويماً مستقيماً على منهاج محمد صلى الله عليه وسلم كان لا يتأثر
بشيء أعظم من تأثره بالقرآن . بالقرآن يجاهد المؤمن..
قال الله جل وعلا :
{ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً } [الفرقان52] .
وبالقرآن يقوم المؤمن بين يدي ربه :{ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً}
[الإسراء79] . وبالقرآن يخوف من عصى الله { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} .
جعله الله جل وعلا شرفاً لهذه الأمة في الدنيا والآخرة :{ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}
[الزخرف44] والذكر هنا بمعنى الشرف العالي والمقام العظيم الذي أتاه الله نبيه صلى الله عليه وسلم
بما أوحى إليه من هذا القرآن العظيم .
ثم أخبر تبارك وتعالى أن أعظم العجب الذي انتاب كفار قريش أنهم استكبروا أن يبعث رسول من بين
أظهرهم يعرفهم ويعرفونه فقالوا مستكبرين..
كما قال الله جل وعلا :
{ بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ }[ق2]
وهذه العلة في الرد هي العلة التي امتطتها الأمم من قبل فأكثر الأمم التي بعث إليها الرسل كان أكبر
حجتهم في الرد على رسولهم أنهم اعترضوا أن يبعث الله جل وعلا بشراً رسولاً فأخبر الله تبارك وتعالى
أنه لو قُدّر أن ينزل الله جل وعلا ملكا لكان هذا الملك بشراً رسولاً يحمل أوصافهم ولبقي الأمر ملتبساً
عليهم كما بقي في الأول ورسولنا صلى الله عليه وسلم كانت قريش تعرفه قبل أن يبعث تعرفه بأمانته
وعفافه وطهره صلوات الله وسلامه عليه تعرف منشأه ومدخله و مخرجه فليس لهم حجة في اعتراضهم
عليه صلوات الله وسلامه عليه .
بل الأمر رحمة من الله محضة يضعها الله حيث يشاء..
المصدر: منتدى عدلات النسائي